فخرج قايين من لدن الرب، وسكن في ارض نود شرقي عدن. ….وكان يبني مدينة. تكوين ٤: ١٦-١٧
خرج قايين من حضرة الله وهو في حالة مزرية متعثرة. لكن كيف تمكن من العيش في ذلك العالم القاسي الذي نفاه الله اليه؟ ربما تمكن قايين ان ينشئ لنفسه مكانا يجد فيه بعض الحياة والمرح اللذين فقدهما حين طرده الله من محضره. وبدلا من ان يتيه في ارض نود، فضل ان يبني لنفسه مدينة في المكان الذي كان فيه. وربما حرص قايين على جعل ذلك المكان يعج بالنشاط والمرح الصاخب بحيث يتعذر على اي شخص ان يجد الوقت الكافي للتامل في روعة السير مع الله والعيش في محضره. بنى قايين اول مدينة في العالم في وسط الارض التي قصد الله ان تكون سجنا له. لكن مدينة قايين كانت قائمة على الكذبة القائلة انه باستطاعة البشر ان يحيوا حياة سعيدة بدون حضور الله. لكن اذا كان التاريخ قد اثبت شيئا في القرون الماضية منذ تاسيس تلك المدينة، فقد اثبت ان حلم قايين لم ولن يتحقق. فاذا تتبعنا قصص نشوء الدول وسقوطها، فسوف نرى بوضوح انه لا يوجد سلام وفرح حقيقيين من دون الله وبعيدا عنه. ومن المؤسف ان الكثيرين من المؤمنين قد انخدعوا بهذه الكذبة. فرغم انهم يزعمون انهم يحبون الله، الا ان المركز، والسلطة، والاشخاص المناسبين، والممتلكات هي كل ما يحتاجون اليه لكي يعيشوا حياة ممتلئة. كما انهم يسعون لتحقيق احلامهم دون ان يفتحوا كتبهم المقدسة ليتاكدوا من سلامة احلامهم ودون ان يلتجئوا الى الصلاة اولا. هل صدقت يوما الكذبة القائلة انك تستطيع ان تكون راضيا في حياتك بدون حضور الله وعرفة قصده؟ سواء كنت تصدق ذلك ام لا، فان خلوتك ووقتك مع الله يمكن ان يعكسا حقيقة انخداعك بهذه الكذبة. فاذا كنت ناذرا ما تقرا في الكتاب المقدس، او تصلي، او تطلب وجه الله، فهذا مؤشر واضح على ان شوقك لحضوره قد تراجع. لكن حتى لو كنت كذلك، فان الوقت لم يفت بعد. فحين تبدا في طلب وجهه، سوف تكتشف عمقا جديدا لحضور الله. وسوف تجد نفسك في مكان جديد حيث ينتظرك الفرح والسلام الحقيقيين.
هل من احد سوى الله يمكننا ان ناتجئ اليه؟ وهل من احد امين غير الهنا؟ يارب، قدنا الى الصخرة التي هي اعلى منا.